المدير العام للموقع Admin
عدد المساهمات : 330 نقاط : 2175 تاريخ التسجيل : 22/10/2012 العمر : 52
| موضوع: الاتجاهات الحديثة في التنمية البشرية الخميس ديسمبر 13, 2012 4:19 pm | |
| :قد مر الفكر التنموي بتحولات كبيرة انتقلت فيه أفكار التنمية من المفهوم الكلاسيكي الذي يركز على النمو الاقتصادي إلى مفهوم التنمية البشرية المستدامة الذي ركز على الوجه الانساني للتنمية وهموم البشر وحقوقهم وواجباتهم الاقتصادية والاجتماعية. ولقد ظهر مفهوم التنمية عندما أطلقه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1949م؛ بهدف إدماج الدول النامية بالاقتصاد العالمي بعد أن نالت استقلالها السياسي, وفي مقدمة الإعلان العالمي عن حق التنمية الذي اعتمد ونشر في 4 ديسمبر 1986م, ظهر تعريف التنمية البشرية على أنها "عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان جميعًا على أساس المشاركة النشطة والحرة والهادفة والفعالة في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها". ووفق هذا التعريف فإن الإنسان هو الموضوع الأساسي في التنمية البشرية, أي أن المفهوم يستند إلى الإنسان وتكون غايته الإنسان, فهدف التنمية البشرية هو تنمية الإنسان في مجتمع ما, من كل النواحي: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والفكرية. مفهوم التنمية البشرية المستدامة: تعرف التنمية البشرية بأنها توسيع الخيارات المتاحة لكافة البشر في المجتمع, وهذا يعني أن عملية التنمية تتركز على الرجال والنساء وبخاصة الفقراء والفئات الضعيفة. كما أنها تعني حماية فرص الحياة للأجيال المقبلة والنظم الطبيعية التي تعتمد عليها الحياة[1]. وذلك يجعل الهدف المحوري للتنمية يتمثل في حلق بيئة تمكينية يمكن أن يتمتع فيها المجتمع بحياة طويلة وصحية ومبدعة. أما النمو الاقتصادي فهو ليس غاية في حد ذاته – بل إنه وسيلة لتحقيق التنمية البشرية المستدامة. حيث أوضح تقرير التنمية البشرية لعام 1996م أن النمو الاقتصادي لا يؤدي بصورة آلية إلى التنمية البشرية المستدامة والقضاء على الفقر. إذ نجد على سبيل المثال: أن البلدان التي تحتل موقعًا متقدمًا من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كثيرًا ما يتراجع ترتيبها عند تصنيفها حسب دليل التنمية البشرية. وهناك علاوةً على ذلك, تباينات ملحوظة داخل البلدان الغنية والفقيرة على حدِ سواء, وهي تبدو أشد وضوحًا عند تقييم التنمية البشرية للشعوب الأصلية والأقليات العرقية بصورة منفصلة. وهناك خمسة جوانب للتنمية البشرية المستدامة التي تؤثر على حياة الفقراء والفئات الضعيفة, وهي كالتالي: • التمكين: إن توسيع القدرات والخيارات المتاحة للموارد البشرية يزيد من القدرة على ممارسة تلك الخيارات. • التعاون: وذلك لأهمية الشعور بالانتماء ورفع الروح المعنوية والاحساس بوجود هدف حقيقي يتم السعي إليه لتحقيقه. • الإنصاف: وهو ما يعني تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة. • الاستدامة: الاستمرارية عن طريق عدم اهدار الموارد لتحقيق التنمية البشرية المستدامة للأجيال المقبلة. • الأمن: أي التحرر من الظواهر التي تهدد الأمن والاستقرار. مفهوم تنمية الموارد البشرية: وبما أن مفاهيم التنمية البشرية دارت حول الانسان فإن البعد البشري للتنمية يعد وسيلة وهدف في غاية الأهمية للتنمية الإقتصادية, إلا أنه قد أهمل من قبل الاقتصاديون لسنوات عديدة بسبب عدم القدرة على قياسه كمًا ونوعًا, وعليه فإن العديد من الدول التي تمتعت بموارد مالية في فترة معينة من مسيرتها لم تستطع أن تحافظ على نموها عندما انخفضت تلك الموارد المالية بسبب افتقادها إلى رأس المال البشري المتمثل في وجود المؤسسات الفعالة والمهارات البشرية. وبالتالي لم تستطيع تلك الدول أن تحول المكاسب المالية المؤقتة إلى دخل مستمر[2]. لقد أصبح مفهوم تنمية الموارد البشرية واسع ومعقد نوعًا ما, على الرغم من أن هذا المفهوم قد تم تعريفه بأنه "توفير القوى العاملة المدربة", إلا أنه بدأ يتوسع تدريجيًا مع إعتباره لفترة طويلة أن البشر بمثابة موارد وبذلك أصبح جزء لا يتجزأ من النظرية الاقتصادية والتنمية الاقتصادية. وبذلك فإن الموارد البشرية تزداد عن طريق الاستثمار الانساني المادي, ويتركز الاستثمار الإنساني أساسًا في التعليم والتدريب, إلا إنه يشمل التنمية الصحية والتغذية[3]. ويعني هذا أن تخصيص الموارد اللازمة للتنمية الاقتصادية يتحدد بالمعدل الهامشي لعائد الاستثمار, ومن هنا – يمكن تبرير الاستثمار في الموارد البشرية إذا كان عائده الهامشي يزيد عما يمكن تحقيقه في مجالات أخرى للاستثمار. وقد أعطى نموذج هاردو – دومار الذي ذاع صيته خلال الستينيات وخاصة في الدول حديثة الاستقلال دورًا مميزًا وحاسمًا للاستثمار المادي في عملية الإسراع بالتنمية الاقتصادية. إذ أن معدل النمو الاقتصادي يعتمد على عاملين فقط هما: معدل الاستثمار ونسبة رأس المال الناتج, بل إن التركيز كان على العامل الأول وليس على العامل الثاني الذي يعني ضمنًا أهمية الموارد البشرية. إلا أن التجربة الفعلية لبلدان عديدة أظهرت أن رفع معدلات الاستثمار،لا يكفي وحده للتغلب على مشكلات التنمية، وحتى وإن تم اختزالها في عملية النمو الاقتصادي، وأ ن الاستثمار المادي ليس كافيًا في حد ذاته لإحداث التنمية وإن ظل شرطًا ضروريًا من شروطها. وهكذا تحول فكر التنمية من الاهتمام بالاستثمار الرأسمالي وإنتاج السلع إلى الاهتمام برفع قدرات البشر وما يمكن تولده هذه القدرات . وبرغم أن رفع قدرات البشر وتحسين إنتاجية العمال يتضمن مجالات الصحة والتغذية، إلا أنه يركز أساسًا على مجال التعليم، وخاصة في مجال البحوث النظرية والتطبيقية. والواقع أن التأكيد الحالي على إسهام التربية أو الاستثمار في العنصر البشري في دفع عجلة النمو الاقتصادي لم يكن جديدًا كليا، بل إن هناك دراسات كثيرة ومتنوعة، ترجع إلى آدم سميث وسونو ودينسون وشولتز وغيرهم، تؤكد على أهمية التعليم في دفع عجلة النمو الاقتصادي[4]. وغالبًا ما يتم الاستشهاد بتجربة اليابان دول النمور الآسيوية الأربعة كدليل على الأهمية الكبيرة لإسهام تنمية الموارد البشرية في إحداث النمو الاقتصادي المتسارع، بل والتنمية الشاملة. بيد أن مفهوم تنمية المو ارد البشرية قد أثار اعتراضات عدد كبير من الباحثين، يقول د. محمد العوض جلال الدين في كتابه "خيارات الاستثمار في التعليم " : بأنه ليس مقبولا أن يعتبر الإنسان كالموارد الأخرى مثل الموارد الطبيعية ورأس المال المادي والمالي، كما لا يصح تنميته باعتباره موردًا اقتصاديًا في عملية إنتاج السلع والخدمات فقط، كما لا ينبغي اختزال التنمية في مفهوم الإنسان الاقتصادي منتجًا ومستهلكًا. ويقول د. حامد عمار في بحثه " العوامل الاجتماعية في التنمية البشرية " المقدم لندوة تنمية الموارد البشرية، الكويت، ١٩٨٩ : إن النظر إلى التربية من حيث هي عملية استثمار يتحول فيها الإنسان إلى عنصر من عناصر الاستثمار مثل المعادن والآلات، من شأنه أن يحول البشر إلى مدخلات ومخرجات وبذلك يجردهم من صفتهم الإنسانية. من خلال ما سبق، يتضح أن مفهوم تنمية الموارد البشرية هو مفهوم اقتصادي في المقام الأول، وقابل للحسابات الاقتصادية، حيث يمكن قياس عائد الاستثمار في تنمية البشر مقارنة بعائد الاستثمار في إنتاج السلع وفي البنية الأساسية، الأمر الذي يساعد في تخصيص وتوزيع الموارد. وبهذا المفهوم، فإن تنمية الإنسان كمورد، مطلوبة إلى الحد الذي يمكن من تطوير إنتاجية العمل وتعظيم إنتاج السلع والخدمات. ويعتبر بروز مفهوم الموارد البشرية تقدمًا هامًا حيث زاد الاهتمام بتنمية رأس المال البشري بعد أن كانت مشكلات الادخار والاستثمار هي التي تستحوذ على معظم اهتمام الاقتصاديين . غير أن زيادة الاستثمار في البشر ظلت تمليه اعتبارات المردود الاقتصادي. ومن هن ا حاول بعض الباحثين التمييز بين مفهومي تنمية الموارد البشرية ومفهوم التنمية البشرية . يقول د. إسماعيل صبري عبد الله : إن الإنسان هو صانع التنمية، ويتعين أن يكون المستفيد الأول منها، فالشق الأول صانع التنمية يضع الموضوع تحت عنوان " تنمية الموارد البشرية "، أما الشق الثاني استفادة الإنسان من التنمية فيضع الموضوع تحت عنوان " التنمية البشرية ". والذين يستخدمون مفهوم " التنمية البشرية " بهذا المعنى الأخير، غالبًا ما يركزون على مناهج الرفاهية البشرية التي تنظر إلى الناس منتفعين في عملية التنمية أكثر من كونهم مشاركين فيها، كما أن هذه المناهج تهتم بسياسات التوزيع أكثر مما تهتم بهياكل الإنتاج . وحينما يتم التركيز على منهج الاحتياجات الأساسية غالبًا ما يتم التركيز على مجموعة من السلع والخدمات التي تحتاجها الفئات السكانية الأكثر حرمانًا من الغذاء والكساء والمأوى. إن مفهوم الموارد البشرية بدأ في الأدبيات كمفهوم ضيق يمكن اعتباره مفهومًا اقتصاديًا، يعنى بإعداد البشر أو بتخصصات معينة لمقابلة الإنتاج الاقتصادي . كما أنه يعتبر مفهومًا قابلا للحسابات الاقتصادية بحيث يمكن مقارنة عائد الاستثمار في العنصر البشري بعائد الاستثمار في مجالات السلع والإنتاج. وعلى العموم، بغض النظر، عن اختلاف المفاهيم والتعريفات بين الباحثين والمنظمات الدولية، إلا أن هناك اتجاهًا واضحًا لتوسيع المفهوم دون التركيز المخل على جوانب دون أخرى، كالتركيز على الجانب الاقتصادي، لوحده أو جانب التنمية البشرية فقط. ومع ذلك، أصبح الاتجاه الغالب في السنوات الأخيرة، هو استخدام مفهوم التنمية البشرية بدلا من مفهوم تنمية الموارد البشرية، على أن يتضمن المفهوم الأول مدخلا متوازنًا للتنمية متضمنًا الأبعاد المختلفة لعملية التنمية بحثًا عن جذورها الداخلية، بدلا من الاعتماد على مداخلة التقليدية[5]. النمو الاقتصادي: يعرف النمو الاقتصادي بأنه عبارة عن عملية يتم فيها زيادة الدخل القومي زيادة تراكمية ومستمرة عبر فترة ممتدة من الزمن (ربع قرن) بحيث تكون هذة الزيادة أكبر من معدل نمو السكان مع توفير الخدمات الإنتاجية والاجتماعية وحماية الموارد المتجددة من التلوث والحفاظ علي الموارد غير المتجددة من النضوب. وهناك تعريفات متعددة للتنمية الاقتصادية. ومن التعريفات الشائعة انها عملية تتضمن تحقيق معدل نمو مرتفع لمتوسط دخل الفرد الحقيقى خلال فترة ممتدة من الزمن (3عقود مثلا) على الا يصاحب ذلك تدهور في توزيع الدخل او زيادة في مستوى الفقر في المجتمع كما يعرف أيضا على أنه الزيادة في كمية السلع والخدمات التي ينتجها اقتصاد معين. وهذه السلع يتم إنتاجها باستخدام عناصر الإنتاج الرئيسية، وهي الأرض والعمل ورأس المال والتنظيم[6]. وقد حدد روستو مراحل لعملية النمو الاقتصادي عند الدول النامية تتلخص بخمسة مراحل هي[7]: 1- مرحلة المجتمع التقليدي 2- مرحلة التهيؤ والانطلاق 3- مرحلة الانطلاق 4- مرحلة النضج 5- مرحلة الاستهلاك الكبير. واعطى تفصيلاً لكل مرحلة مدعياً انها نتائج عامة مستنبطة من الاحداث الاقتصادية التي شهدها التاريخ الحديث. وبعد ان استعرضت بإيجاز بعض اراء ونظريات النمو الاقتصادي المختلفة وكان الهدف هو ان نتعرف على المتغيرات التي تقف وراء عملية التنمية وتطور الفكر الاقتصادي والتي كانت سبباً في ظهور سياسات واستراتيجيات تنموية مختلفة باختلاف البلدان واقتصادياتها فالاستراتيجية في أي دولة تبنى على تحليل كامل للقوانين الموضوعية التي تحكم نمو الاقتصادي القومي ثم وضع تصور لما يجب ان تكون عليه التنمية في المستقبل. وعليه فالاستراتيجية هي الاطار العام او التوجهات الرئيسية التي تصاغ وفقاً لها اهداف العمل التنموي. وليس هناك استراتيجية او برنامج انمائي واحد يصلح لجميع البلدان النامية. لذلك برزت في الفكر الاقتصادي عدة استراتيجيات تنموية منها: § استراتيجية للتنمية تعتمد على الامكانات المحلية والسوق الوطنية. واخرى تعتمد على السوق والامكانات الخارجية. § استراتيجية للتنمية التي تعتمد على الدور الرائد للدولة والقطاع العام. واخرى تقوم تلقائياً وتدريجياً على النشاط الخاص. § استراتيجية للنمو المتوازن في كافة قطاعات الانتاج تقوم على دفعة قوية من حد ادنى واخرى للنمو غير المتوازن الذي يبدأ بالتركيز على بعض القطاعات. § استراتيجية للتنمية الشاملة تجمع في اطار واحد بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية في حياة المجتمعات واخرى تركز فحسب على الجانب الاقتصادي. ومهما تكن أهداف السياسات الاقتصادية فانها لا تزال قاصرة عن مواجهة المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلدان النامية خاصة وان هذه البلدان استمرت لفترة طويلة تتكل على الصيغ الجاهزة والخبرات المستوردة وابتعاد الآراء والأفكار والنظريات عن الواقع العملي وعدم استطاعتها اقتراح حلول عملية للمشاكل الاقتصادية. فقد اشار الاستاذ الدكتور عبد المنعم السيد علي الى ان تاريخ الفكر الاقتصادي بعد "آدم سمث" هو قصة الكيفية التي حاول فيها الاقتصاديون جعل علم الاقتصاد علماً تحليلياً اكثر دقة واحكاماً. وقد اصبح هدف علم الاقتصاد هو تخليص العالم الاقتصادي مرة واحدة من النشاط الاقتصادي الهادف. أي جعل هذا العالم نموذجاً مجرداً للحقيقة الطبيعية، ومن ثم يستخلص منه اقل عدد ممكن من القوانين التي تحكم العالم الواقعي، واحدى هذه القوانين البديهيات هو ان النمو الاقتصادي لا يختلف مبدئياً عن التغيير الطبيعي.. وبذلك اصبح العالم الاقتصادي جبرياً بارداً غير مكترث بالتطلعات الانسانية .. فبتحطم بديهيات علم الاقتصاد الرأسمالي سيتم تحرير الانسانية في استنتاجاته الباردة. فهل يا ترى تستطيع اراء التنمية البشرية المستدامة من توجيه تطور الفكر الاقتصادي فكراً انسانياً مرتبطاً بالتطلعات الانسانية؟ سأحاول الاجابة على هذا التساؤل من خلال المباحث التالية: ثانياً: البعد البشري في التنمية لقد تباينت اهمية البشر في الفكر التنموي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى التسعينات. لذلك فقد ورد في ادبيات الفكر الاقتصادي الى ان البعد البشري في التنمية تميز بمرحلتين الاولى تمتد ولغاية التسعينات من القرن الماضي، والثانية في فترة التسعينات ولحد الان والتي تمثلت بظهور التنمية البشرية. ففي عقد الستينات تم التأكيد على تأهيل الكوادر الفنية الوطنية وبسبب استراتيجيات التصنيع وبان النمو الاقتصادي يعد الاساس الذي يمكن التعويل عليه لتحقيق التنمية. وفي هذه الفترة كان الاهتمام بوضع الجزء وهو تنمية الموارد البشرية ضمن الكل وهو "التنمية البشرية" ففي تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1967 حددت ثلاثة اوجه رئيسية لتنمية الموارد البشرية وهي: 1. استخدام افضل للقوى العاملة من خلال توفير مستويات اعلى من التشغيل المنتج. 2. تحسين نوعية القوى العاملة من خلال التعليم المهني والتدريب. 3. تحفيز الدعم الشعبي لجهود التنمية الوطنية واشراك اوسع الفئات الاجتماعية. وفي عقد السبعينات عالج الفكر التنموي مسالتين مهمتين: ((الاولى تتعلق بعدالة توزيع الدخل وظاهرة الفقر، والثانية ترتبط باهمية وتامين "الحاجات الاساسية" لافراد المجتمع كافة)). ولقد لقيت هاتان المسالتان دعماً قوياً من خلال تبنيهما من قبل منظمة العمل الدولية والبنك الدولي. وقد كانت منظمة العمل الدولية هي المبادرة الى طرح منهج الحاجات الاساسية الذي يتلخص جوهره بان على الحكومات واجب العمل على تقديم الخدمات الاساسية كالعناية الصحية والبنى التحتية الاساسية وخدمات التعليم. وفي هذه المرحلة قد تبين ان جانب ((البشر هم هدف التنمية)) قد بدا ينضج اكثر فاكثر غير ان هذا المسار الايجابي للفكر التنموي انحرف في عقد الثمانينات عن مساره، حيث بدأ التركيز على النمو الاقتصادي واقتراح سياسات التكييف الهيكلي التي ركنت البشر في المرتبة الثانية ومع ما استنتج ذلك من تقليص لدور القطاع العام وتعظيم لدور القطاع الخاص من دون النظر الى اثار هذه السياسات في الفئات الاجتماعية المختلفة. وهكذا اصبحت المنافع التي تصيب السكان وخاصة تلبية الحاجات الاساسية، في المرتبة الثانية، أي تتحقق كنتيجة طبيعية لعملية النمو الاقتصادي. وقد اثبتت تجارب التطبيق لسياسة التكييف الهيكلي، تدنياً كبيراً في اوضاع الطبقات الوسطى والفقيرة بينما زادت الفئات الغنية غناً. ومع انخفاض مستويات المعيشة لشرائح واسعة من المجتمع فقد انتشرت البطالة التي تعد هدراً للبشر وانهاكاً لحقوقه وكرامته. مؤاشرات قياس التنمية:
| |
|